كريم البيضاني

الجزء الثاني

زؤية الاخ والزميل كريم بدر الحمداني في تبنيه مشروع ربط العراق بمشروع الصين التجاري او مايطلق عليه بطريق الحرير..هي رؤية وطنية نبيلة ..ولكن..

لكن الامنيات والواقع لاتتطابقان..فسبب دمار العراق وجفاف ارضه ونهب ثرواته وادخاله في حروب وصراعات لامعنى لها..هو انعدام الرؤية المستقبلية لحال العراق في المنطقة والعالم..فتحالف عبدالكريم قاسم مع السوفيت والشيوعيين العراقيين عزز استقلال الكويت بعد تبني بريطانيا لهذه المسالة بسبب فقدان وجودها ونفوذها في العراق بعد انقلاب قاسم العسكري في 14 تموز عام 1958..تم قتل الوصي وسحل نوري السعيد الخ..جعل دور بريطانيا والامريكا المنتصرة على النازية والمسيطرة على اوربا بعد الحرب العالمية الثانية تتفرغ للسيطرة على مصادر الطاقة والتجارة الدولية..ولهذا الغرض عززت قوتها العسكرية وصرفت ثروات طائلة في بناء ترسانتها العسكرية ونقلها الى قواعد عسكرية على طول وعرض الكرة الارضية بحاملات الطائرات والقواعد العسكرية الثابتة…تم نفخ نظام حكم عبدالكريم قاسم بسهولة وقتله في مقر الاذاعة العراقية التي كانت سلاحه في الترويج لمبادء واهداف حركته..وفي نفس الوقت الذي عززت برطانيا قبضتها على الخليد وخاصة الكويت والسعودية عبر اتفاقيات حماية لازالت سارية الى الان..تحركت اسرائيل ومعها امريكا وحلفهم القوي شاه ايران لتحريك الاكراد ضد الدولة العراقية..وحدث التمرد واستنزف العراق موارده واستفحلت مطالب الكويت والاكراد حتى اصبحت الامور تهدد وجود العراق كدولة..حتى ان الكويتيين والاكراد يرددون ان العراق كدولة هي كذبة..ونرجع الى موضوعنا الرئيسي وهو مشروع الصين والعراق..فمن يشاهد عمران خان ومصيره ومحاولة اغتياله وعزله عن الحكم من قبل ابن نواز شريف المقيم في لندن قبل طيرانه من لندن الى اسلام اباد وهو المتبنس لمشروع الصين..دليل على ان مثلما تتحرك الصين يتحرك منافسيها وخصومها.. وحتى ايران حليفة روسيا والصين اصبحت الاضطرابات التي يقودها الاكراد في غرب ايران والبلوش السنة في الجنوب..والمدعومين من قبل الخليج وامريكا والاتحاد الاوربي هو نفس السيناريو الذي وقع فيه عبدالكريم قاسم وعمران خان..الحل ببساطة هو قراءة سياسية قبل دراسة الجدوى الاقتصادية بالنسبة للعراق من مشروع الطريق والحزام الصيني..والذي لايدركه اصحاب العواطف السياسية والحالمين بدور اقليمي ودولي في العراق..يقفزون على حقيقة ان الصين قبلت بشروط الغرب من اجل السماح لها بالولوج الى اسرار العلوم والتكنولوجيا الغربية..فروسيا ليست لديها هذه الامكانيات سوى الطاقة الاحفورية المستخدمة في الصناعات العسكرية..فروسيا لاتمك سيارة منافسة حتى لسيارات الهند..ولاتصنع سلع استهلاكية اصبحت مطلبا عالميا من اجل الرفاهية وتوديع حقب الحرمان..فلايوجد موبايل ولا ماكدونالدز ولاكوكل ولا كومبيوتر ومكوناته المنافسة للخرين..فقط طائرات السوخوي والميك وصواريخ اس 400 ..الصين تصنع وتنتج بنهم وتصدر لامريكا واوربا والعالم تحت مظلة الاتفاق الستراتيجي الصيني الغربي فقط..ولهذا نحن بحاجة الى حاكم عراقي يرسخ مبدأ الشراكة مع الدول على اساس المصلحة العامة وليس العاطفة الثورية القومية..امريكا سمحت للصيين بالاستثمار والتجارة بحرية مع مهظم الدول الخليجية ومصر والاردن وحتى مشروع طريق الصين مسموع به في هذه الدول.. الا العراق وسوريا طبعا بحكم الوضع العسكري والسياسي فيها..الحل ايضا وهو الاهم عدم القفز على موقع العراق الجغرافي والاقليمي..فمشروع الفاو لايمكن ان يعمل الا اذا تم الاتفاق مع تركيا والاردن وسوريا وحتى دول الخليج مجتمعة..فالفائدة التي ستجنيها الدولة العراقية من مشروع الفاو لن ترى النور ان لم يتم اشراك الجميع في ذلك..وهذا ما يغفله الاخ كريم بدر في خطابه الاعلامي..فلنبني ميناء الفاو ولنربط اسيا باوربا وافريقيا سككيا عبر العراق ونشارك الكويت في موانئها..ولانسبب الضرر لموانئ الامارات ولا نؤثر على قناة السويس الخ..فالمصريين ادركوا ان مضيق باب المندب اصبح خطرا بعد حرب اليمن الاخرية وكذلك الوضع في القرن الافريقي من الصومال الى اثيوبيا وحتى السودان..حيث اصبح التنافس على السيطرة على هذه المنافذ خارج سيطرت المصريين..وما الاتفاق بين لبنان واسرائيل حول الغاز والمناطق التجارية الخالصة حدث لاجل المصلحة العليا وليس الخطاب العاطفي الثوري القومي للبنانيين..ومقولة السيد حسن نصرالله الشهيرة جوابا على منتقديه في الموافقة على الاتفاقية مع اسرائيل..هي ما قاله..بدنا ناكل العنب..ويعني ان الكلام بدون التفكير بالمستقبل لافائدة منه ولكن بواقعية سياسية وليست احلام..