كريم البيضاني
الاتحاد السوفييتي كان منظومة ايديولوجية وسياسية نواتها روسيا الاتحادية واطرافها الدول التي كانت تديرها الاحزاب الشيوعية في تلك البلدان..سقط نظام الاتحاد السوفييتي وتهاوت انظمة الحكم الشيوعية معه..ومغامرات قادة الاتحاد السوفييتي هي التي عجلت بانهيار هذا النظام..فمجرد طمع بالنفوذ والهيمنة دخل الاتحاد السوفييتي في اجتياح مسلح اطاح بنظام الملكية الافغاني واتى بالشيوعيين الافغان..تنبه الغرب لهذه الخطوة وجعلها مستنقع جر اليه السوفييت الى حرب استنزاف طويلة اتت باجل الاتحاد السوفييتي ومن تحالف معه من دول اوربا الشرقية التي تعتنق المذهب الارثوذوكسي او التي تتكلم باللغة السلافية..
توحد المانيا وقبض الوريث عن الاتحاد السوفييتي روسيا الثمن وهي عبارة عن اموال المانية بقدر ب350 مليار دولار..حيث تكفل الالمان بتوفير سكن وبنى تحتية للمنسحبين من القوات الروسية او السوفييتية سابقا..
توحدت اوربا تحت راية الديمقراطية والاتحاد الاوربي وحلمت شعوب الدول الشرقية بالرخاء والسعادة بعد هيمنة صارمة من قبل الاحزاب الشيوعية الدكتاتورية..المانيا تفرغت لاعادة جزئها المسلوب من الروس وفرضت نسبة استقطاعات من الرواتب لصالح اعادة اعمار المانيا الشرقية الشيوعية سابقا..ترك الالمان الشرقيين مدنهم وذهبوا للعيش في الجزء الغربي من البلاد وحصل ان انتقلت السيدة ميركل مستشارة المانيا السابقة مع من هاجر وترك الشرق..دخلت في حزب هلموت كول القوي وهو الحزب المسيحي الديمقراطي..وصعدت في سلم المناصب الى ان تم اختيارها مستشارة او رئيسة وزراء للحكومة الالمانية..كان هلموت كول يفاوض السوفييت ومن بعدهم الروس حول الانسحاب من المانيا الشرقية واعادة الوحدة الالمانية..وخاض مفاوضات مريرة واعطى المغريات الاقتصادية لروسيا من اجل تحقيق ذلك..ونجح..ولكنه سقط قي صفقة اسلحة فاسدة مع السودية..حيث قبض احد معاونيه مبلغ ثمانون مليون دولار مقابل تمرير الصفقة ذهبت الى خزينة حزب هلموت كول ..وبالرغم من كل مافعله كول لالمانيا تم احتقاره وازدرائه وعزله الى ان توفي بعد ذلك..
اشتغلت السيدة ميركل وحزبها ومن تحالف معها من الحزب البافاري ..اشتغلوا على جبهتان متوازيتان..الاولى هي توحيد اوربا ووضع الادول الشيوعية السابقة تحت المظلة الاوربية طبعا ممولها الرئيسي المانيا..والجبهة الثانية هي روسيا..حيث تم ربط الغاز والنفط الروسي وكذلك المواد الاولية الضرورية للاقتصاد والصناعة الالمانية ببعض..ونتج عنها ازدهار واستقرار مالي وسياسي عمت فائدته على اوربا كلها..
والان نرجع الى موضوعنا الاساسي وهو اوكرانيا والعراق..واوجه التشابه في اوضاعهما وعلاقته بروسيا واوربا و…امريكا..
مرت الازمة الاقتصادية العالمية عام 2009 وارتبك الاقتصاد العالمي وعم الركود وانخفض سعر برميل النفط الى مادون الثلاثين دولار..في تلك الفترة تدهورت امور امريكا وهربت الشركات الامريكية وحتى الاوربية نحو الصين حيث الايادي العالملة الماهرة الرخيصة جدا والمواد الاولية التي تجلبها الصين من اعادة تدوير النفايات والسكراب والاسواق القريبة منها والتي تبحث ن السلع الرخيصة على حساب الجودة..
انزعج الامريكان من الالمان وعلاقتهم بروسيا والصين..وتجسسوا حتى على هاتف ميركل الشخصي..لمعرفة لغز عمل ميركل الناجح..بقيت ميركل صامدة وازدهر اقتصاد المانيا..وجاء رد امريكا في اوكرانيا..حيث اشتغل الرئيس الحالي بايدن حين كان نائبا لاوباما مع ابنه هنتر وعبر شركاتهم الخاصة في اوكرانيا..وسقطت الحكومة الموالية لروسيا وهرب زعيمها الى موسكو..تحولت اوكرانيا من دولة حليفة لروسيا الى العدو اللدود الاول لها وراس حبة وجبهة متقدمة لامريكا في الشرق الاوربي..
احس الروس بالخطر ومن اقتراب النفوذ الامريكي الى خاصرتهم البحرية في بحر ازوف وقواعدها الحربية في القرم..وقامت روسيا بحركة سريعة بالسيطرة على القرم وضمها للاتحاد الروسي وبذلك ضمنت سلامة اسطولها الحربي في البحر الاسود..سكت الجميع ومرت الازمة وكان الامر انتهى..اقتربت الاساطيل الامريكية والبريطانية من اوكرانيا ورومانيا وبلغاريا وبدأت تعمل المناورات الحربية مع هذه الدول..في خضم هذه الاحداث لم تتنبه المانيا وخاصة حكومة ميركل لما يحاك ضدها وضد تعاونها مع روسيا ..واشتعلت الازمة بعد صعود بايدن الى الرئاسة في امريكا..حاول الروس استباق الامور والسيطرة على المدن الاوكرانية المطلة على بحيرة ازوف او بحر ازوف ذات الغالبية العرقية الروسية..وكذلك ذهبت الى كييف ومدن اوكرانية كبرى ..ومن يراجع تعليق الرئيس بايدن على الاجتياح الروسي لاوكرانيا بقوله..لقد فعلها الروس وسقطوا في الفخ..والان العالم بعد الاجتياح الروسي ليس كقبله..ووفر علينا بوتين بقراره هذا..ازمة انابيب الغاز ستريم واحد واثنين..اللذان تجاوزا البرالاوربي واتصلا مباشرة بالمانيا..استوعب الاوربيين والامريكان والانكليز الهاربين من الحرب وعاملوهم بفوانين مواطنيهم..وليس كلاجئين مثل بقية الهاربين من الحروب والصراعات الاخرى..
حتى وصل الامر الى قطع امدادات الغاز والنفط عن اوربا عبر مقاطعة استقبال الطاقة او انسحاب الروس وغلق انابيبهم الذاهبة الى اوربا..
واصبح الروس في مواجهة مباشرة مع الغرب وامريكا في اوكرانيا وربما كما حصل في افغانستان وانسحاب السوفييت وسقوط نظامهم وانسحاب الامريكان وانهيار اقتصادهم..
اما ماعلاقة العراق بالمضوع فهو كالتالي..امريكا اجتاحت العراق بتحالف اسسته بنفسها..وصاغت الفرارات الدولية اللازمة لذلك وبالتعاون الانتهازي مع الروس ..اجتاحت امريكا العراق واحتلته ودمرته..وحاولت خلق نظام تابع لها مثل مشايخ الخليج لكي تسيطر على منابع الطاقة والطرق المارة منها..ولازال الامر مفتوحا على مصراعية..فالصين اصبحت غارقة في نعيم الدلال الغربي عبر الاستثمارات والثراء الذي لم تحلم به..وحاولت الصين الميل الى كفة روسيا ولكن امريكا حركت اساطيلها الى تايوان ومرغت كرامة الصين في الوحل..حيث تستخدم العصا والجزرة معها..وبالنسبة للعراق بقي مستقبله مؤجل الى ان تتيقن امريكا بان العراق سيبقى تحت بيت الطاعة الامريكي والا سيبقى الفيتو الامريكي على مشاريع اعادة الاعمار وخلق ازمات عبر دعم الاحزاب الانفصالية الكردية الفاسدة الخ..