كريم البيضاني
في زمن اكتشفت البشرية طريقها الصحيح وهو التعليم والانتاج العلمي والفتوحات العلمية الخ..كل شئ مرتبط بذلك..ومادام كذلك سنقوم بتفصيل الامور بهذا الاتجاه
التنمية البشرية هي تعريف علمي لوضع الخطط اللازمة لادارة حياة البشر بطريقة مخطط لها تجعل من مجتمع ما يسير بالاتجاه الصحيح نحو الحياة المنظمة والمرفهة فيها الانسان قد حصل على فرصة في التعليم والسكن اللائق والعمل والحياة الكريمة..وهذا الامر لم ولن ياتي صدفة بل ضمن منهج وتخطيط وابتكار طرق لوضع الحلول في ازالة المعوقات التي تعترض طريق الوصول للهدف المنشود وهو بناء مجتمع تسوده العدالة الاجتماعية والعيش بكرامة..
بعد هذه المقدمة التعريفية ندخل في التفاصيل..ونبدا بالعنصر الاساسي في ذلك وهو الفرد ..فالشعب هو مجموعة من البشر يشتركون في قواسم مشتركة تبدأ من البيت وتنتهي في دولة لها مسمى وهيكل حاكم ودستور وقوانين ..
في الازمان السالفة والحق المختلفة التي مرت بها البشرية..يتبين ان كل حقبة تضيف لسابقتها امور جديدة تتجدر وتتطور وتتراكم لتصبح ادوات اكثر فعالية في ادارة حياة الافراد والشعوب..
فالامبراطوريات التي حمت العالم..تركت بصماتها بطرق مختلفة..قد تكون كارثية او مفيدة حسب المكان والزمان ونوع البشر الذين هم كانوا اساسها وركيزتها البشرية..
فعندما حكم الاغريق يذكرهم الناس بالفلسفة التي حكموا بها امبراطورياتهم وكذلك الرومان كانت القوة والبناء والتوسع ..كذلك كان الفراعنة في مصر له نمط في الحكم استمر لالاف السنين ..وهو مبدأ الحاكم الذي يملك كل شئ ويعرف كل شئ وهو من يقرر من يعيش ومن يموت من الشعب..وتسخر كل موارد الدولة البشرية والمادية للفرعون الحاكم..
وعندما ظهرت دعوة النبي ابراهيم في جعل الفرد هو القوة في المجتمع وليس قوة الحاكم..تنبه البشر الى اليأس من ايجاد الحلول في التخلص من جبروت الحاكم يمكن التغلب عليه عبر قوة الفرد نفسه الذي يستعبده الحاكم المستبد..
وتبلورت هذه الفكرة وجعلها الناس وسيلة للتمرد على الحاكم والاستبداد..واصبحت حجتهم ان الحاكم ليس هو المعبود الاكبر بل ان الله او الرب او الالاه الاوحد هو الحاكم الفعلي على الارض..وبذلك اصبح للفرد حجة يجادل فيها احقية الحاكم الفرعون الدكتاتور المستبد..
اصبح الصراع بين الحاكم والشعب امر جديد على المجتمع وظهر تيار يؤمن بان هناك حلول ويمكن السعي اليها وهي المنقذ للفرد من الدوامة التي يعيش فيها عبر الزمن..وليس هذا فقط بل اصبحت هذه الحالة وسيلة لاختراق الحدود الثقافية والجغرافية..واصبح اشتراك الاقوام والتجمعات البشرية اقرب من اي وقت مضى الى بعضهم البعض..فابراهيم العراقي وابناءه واحفاده يجادلون الحاكم المصري والعربي في الجزيرة والحبشي والروماني والهندي والصيني الخ
تقاربت الشعوب بفضل دعوة ابراهيم حتى وصلت الى عصرنا الحالي واصبح الدين والسياسة واحدا..
وماذا بعد؟؟..ترامت المعارف والعلوم والانجازات العلمية والثقافية والمادية عند البشر حتى اصبحت متداخلة..وبدأ عصر جديد بحاجة الى تنظيم واعراف متفق عليها ويلتزم بها الجميع ..
فدعوة النبي الراهيم هي الحرية للفرد لكي يصبح حاكم نفسه ..وهذه الدعوة اعطيت مصطلح الدين..وكبرت وتبلورت على هيئة عرف سياسي ونظام حكم ايضا بالرغم من انها لم تكن كذلك..فابراهيم لم يؤسس دين بمسماه الحالي ولا الدعوة لكي يؤسس دولة لكي يكون الحاكم فيها..هو فقط قال ان هلى البشر ان يعرفوا ان هناك طريق اخر يخلص الناس من استبداد الحاكم..وليس ان يصبح الدين هو البديل المستبد عن الدكتاتور الحاكم..
فالاحزاب الدينية ان كانت بوذية او هندوسية او اسلامية او مسيحية او يهودية..هي صيغ للحكم بطرق احتيالية على مبدأ ابراهيم في اطلاق حرية الفرد وتخليصه من الدكتاتورية..
فتنمية المجتمع تنبدأ من الفرد وتنتهي فيه..وهي المعيار لمدى حصول الفرد على حقه في الحياة ككائن حر منتج متعلم متمتع بصحة جيدة وحاصل على الامان ويعيش في بيئة صالحة للعيش..
فابراهيم لم يدعو الى تاسيس دين او حزب او دولة بل كانت دعوته الى حرية الانسان وكسر قيود السلطة المستبدة وجعل الفرد هو الحاكم لنفسه برأية وارادته..