تأريخ مملكة ميسان والتسمية
تعتبر مملكة ميسان من أهم الممالك التي عرفت في العصر الهيلينستي ولا تقل أهمية عن البتراء في الأردن او تدمر في سوريا والحيرة في العراق ايضاً ، فكانت ذات أهمية تجارية عالمية والروايات والنقوش القديمة تشير إلى أنها إحدى الاسكندريات التي أنشأها الاسكندر المقدوني عند دخوله إلى بلدان الشرق وخاصة #بلادبابل التي أراد منها ان ينطلق بمشروعه العالمي ، فتشير المصادر إلى انه انشأ هذه الإسكندرية في نيسان او أيار من عام 324ق.م ، حيث أطلق عليها بعض الباحثين تسمية إسكندرية دجلة على الرغم من انها حملت اسماء عديدة ، فيما قبل العهد السلوقي وما بعده من عهود ، بسبب تبدل الحكام والاحداث السياسية التي عاشتها المدينة وكذلك نتيجة الإهمال وإعادة البناء المتكررة، عرفت ميسان باللغة الإغريقية بصيغة (Masene) وعند المؤرخ البابلي سترابو في القرن الأول ق.م الذي تحدث عن ساحل منطقة الخليج، فضلاً عن ذلك فقد ورد اسمها في نقش يوناني من مستوطنة بيت شعاريم فذكرت بصيغة میسان Masene ، ومن بين الأسماء التي عرفت بها قديماً اسم كاراكا او کارخا او الكرخ (Caracha) ، وبعد ان كانت المدينة ضحية الطوفان مرة اخرى أعاد بناءها ملك من ملوك ميسان يدعى (هيسباوسينس) (Hyspaosins) وسماها كاركس بعد سنة 129 ق.م ، وهي تسمية مشتقة من اسم العاصمة ، كما ذكرت في كتابات مختلفة، كما عثر على احد نقشين باللغتين الارامية والاغريقية اسم مملكة ميسان التي كان لها اثر بارز في الاحداث السياسية والاقتصادية في بلاد وادي الرافدين ، اذ عثر على كتابتين منقوشتين على فخذي تمثال برونزي للاله هرقل ، لذلك ان اسم ميسان لم يقتصر على ذلك بل ان المتتبع لتاريخ المدينة وتسميتها يجد له الكثير من الاشارات ، فقد ورد اسمها باللغة الارامية للنص بصيغة (Mysn) (ميشن) بفتح الميم ، وفي العبرية (mesun) بكسر الميم، اما بالبارثية فتسمى (Maesun) (ميشون) ، وقد اطلق عليها في اللغة المندائية اسم (ميس يانة) ومعناها الماء الممزوج بمخلفات بقايا الاهوار ، فضلاً عن ذلك فقد وردت لها اشارات في كتاب التلمود البابلي ، كما في النص أعلاه : ان اتحاد هارابانيا يكون بعد اتحاد ميشان وان اتحاد ميشان يكون بعد اتحاد ترمود ، كما ورد اسم ميسان في التلمود الفلسطيني (بعضهم يطلق عليه الاورشليمي) ، فيذكر ان راباي حنينا بيروقيا) يتحدث عن لسان راباي ويقول:” ان سكان ميشان مشغولون بالتجارة والحرف وما شابه ذلك”… ويفهم من سياق النصوص اعلاه ان التلمود لم يعط تسمية جديدة لميسان اذ وردت في النصوص التلمودية باسم ميشان وهي تسمية ورد ذكرها في معظم الكتابات القديمة، ويوجد كذلك ذكر لميسان في مصادر يهودية اخرى غير التلمود ، فقد ذكر المؤرخ اليهودي يوسيفوس (37- 100م) : ” ان الميسانيين يطلقون على اقليم ميسان اسم اسباوسن – كراكس) . كما ان كلمة ميسان تعني في قواعد اللغة البابلية (ماء القمر) ، حيث ان (ميسان) تتكون من (ما) وهي الماء بالعربية و(سن) تعطي معنى القمر وهو من الآلهة #السومريةالبابلية القديمة الذي كان معبوداً في ارض بلاد وادي الرافدين، ولذلك فإنها تعني (ماء القمر) ، ويقصد بذلك المياه التي تتأثر باوضاع القمر واحداث المد والجزر ، اما الرأي الآخر هو ان ميسان تعني المدينة المسورة او المدينة المحصنة ، وهذا ما يتطابق مع معناها باليونانية ، حيث ان كلمة كرخ بالاصل هي كلمة أكدية جاءت بصيغة (كيرخو ) وتعني المدينة المحصنة / المدينة المدورة المحصنة .
المصدر
تأريخ مملكة ميسان منذ النشوء إلى نهاية الدولة الأموية تأليف سيف جلال الدين