د كاظم المقدادي
يبدو ان .. الحكومات الاوربية قررت التضحية براحة ورفاهية شعوبها من اجل ارضاء الادارة الامريكية ، ومن اجل عيون اوكرانيا .. وبقاء زيلينسيكي رئيسا ابديا .. وهو الممثل الكوميدي المغمور الذي اضحك بوتين يوما .. في بعض من لقطاته الاستعراضية .
هذا الذي يحدث امامنا من حرب يستعر اوارها ، وتلتهب معاركها ، وتشتد ضرباتها ، وكأنها مقدمات لحرب عالمية ثالثة ..
سينتج عنها نظام عالمي جديد ، وسيعاد تشكيل الخارطة الجغرافية لدول العالم بشكل او بأخر .
الثابت .. ان هذه الحرب الدائرة الان بين روسيا واوكرانيا ، ستشغل العالم طويلا ، كما شغلتها تأريخيا منطقة بحر الخزر .. التي تسمى اليوم منطقة بحر قزوين .. لتعيد الى الاذهان عقدة سياسية دينية ، لتاريخ لم ينته بعد ، يتعلق بوجود ” يهود الخزر” على ارض شاسعة ، امتدت من ارض اوكرانيا الحالية ، الى حدود بولندا ورومانيا والمجر ، و اسست على مساحتها ” مملكة يهود الخزر ” التي امتد تاريخها من القرن السابع حتى القرن الحادي عشر ، لتكون جدارا لحماية القارة الاوربية ، من المد الاسلامي الذي تجسد حينها بنفوذ الدولة العباسية .
قبل عقود .. كنت قد قرأت كتابا عن ” مملكة يهود الخزر” وعلى الرغم من مغالطاته التاريخية ، فهو لايخلو من حقيقة وجود يهود ” الاشكناز ” ودورهم السياسي والتاريخي في تخوم البحر الاسود ، وبحر قزوين .
علينا ان نعترف .. ان حرب روسيا على اوكرانيا ، تحمل معها طابعا دينيا اضافة الى طابعها الامني و مجالاته واشكالاته الحيوية ، فالجيوش الروسية التي انطلقت من مدينة كييف الاوكرانية في القرن الحادي عشر ، نجحت في تشتيت وابعاد يهود الخزر ( الاشكناز ) واسقاط مملكة الخزر اليهودية ، وابعاد الخطر عن الحدود الروسية ، وقد هاجر معظم اليهود الى القارة الاوربية شرقها وغربها ، وصولا الى بلاد الاندلس .
الاكثر جدلا اليوم .. في تصاعد الحرب الروسية على اوكرانيا .. الحديث عن ” القنبلة الاوكرانية القذرة ” و بروز دور البنوك والمصارف اليهودية مثل “بنوك روتشليد” العملاقة .. التي تهيمن على اقتصاديات العالم المتخم بالخبرة الاوربية ، والسلاح الامريكي ..
اضافة الى المال السياسي الذي بحوزة كبار رجال الاعمال اليهود ، و يصب لصالح يهود اوكرانيا .
ومع هذا الحلف الخفي .. يلعب الصحافي اليهودي الاسترالي الامريكي مردوخ ، دوره الاعلامي الخطير ، بفضل امبراطوريته الاعلامية الراسخة ، لتكون الاخبار والمقالات والمانشيتات والصور والفيديوهات .. بخدمة من يرسم المستقبل المجهول، ويتلاعب بالعقول ، ويعزز دور الدعاية السياسية لصالح القيادة اليهودية في اوكرانيا .
اما الشبكة العنكبوتية ، فقد انطلقت وتفرعت منها مواقع ومنصات .. من “الفيسبوك وتويتر و وتساب ، وغوغول ” لتعزيز وتطويق سلطة المعلومة ، لتصبح سلطة تكنولوجيا الاتصال ، في خدمة من يمتلكها بثبات وبرياء ، ويوجهها كيفما يشاء .
ولا شك .. ان الهدف الرئيس لهذه الحرب الروسية على اوكرانيا .. اسقاط سيطرة القطب الامريكي الواحد ، وانهاء العصر الغربي الامريكي ، وحلول العصر الاسيوي المؤهل لقيادة العالم ، بعد ضمان مرور ” طريق الحرير” الصيني الذي يحمل طابعا اقتصاديا عملاقا .. مفعما بالاندفاع والقوة والسيطرة .
الرئيس الروسي بوتين يراهن اليوم .. على وجود ” شتاء ساخن ” كسلاح مضاف يقلق القارة الاوربية العجوز ، وربما ستضطر الدول الغربية الى الغاء العقوبات على روسيا ، والغاء امدادات السلاح الغربي والامريكي ، بسبب اشتداد حجم المظاهرات في العواصم الاوربية ، بفعل ارتفاع الاسعار وازمة الطاقة .
من كان يصدق ان عاصمة النور باريس .. تقنن الكهرباء والطاقة ، و تشهد شوارعها الجميلة فوضى الطوابير الطويلة .. من اجل الحصول على بضع لترات من البنزين .!؟.
ان اغلب المظاهرات في العواصم الاوربية .. تدعو في شعاراتها الى انهاء التبعية الاوربية للولايات المتحدة الامريكية .
في المقابل لا بد من القول .. ان حسابات بوتين الاستراتيجية .. لم تكن ناجحة تماما ، فقد اخطأ مرتين .. مرة عندما اعتقد ان حربه الخاطفة ، ستعطي فرصة للجيش الاوكراني ليقوم بانقلاب خاطف ، وتشكيل حكومة جديدة موالية لروسيا ، كتلك التي كانت قبل انتخاب الرئيس الحالي زيلينسكي ، فيحقق هدفه بابعاد اوكرانيا من حلف الناتو .. اما في المرة الثانية .. فقد راهن على حرب امنية عسكرية خاطفة ، دون الانتباه الى العقدة التاريخية الدينية ليهود اوكرانيا .. والتي جرت اسرائيل وامريكا والحلف الاوربي – الصهيوني للوقوف ضد طموح روسيا باعادة اوكرانيا الى الحضن الروسي .
ستظل هذه الحرب سجالا .. ذات تبعات اقتصادية وسياسية و تاريخية دينية .. فالطريق الخفي الذي يمضي نحو الداخل في الحروب المصيرية ، لابد وان يؤسس لعلاقة جدلية متباينة .. تمتد الى عمق التاريخ في موضوع يتعلق اصلا بنشوء وسقوط ” مملكة يهود الخزر ” مع وجود رغبة اوكرانية بعودة المملكة الأم ، كدولة دينية معاصرة ( اسرائيل الاوربية ) لتكون في مواجهة روسيا الارثدوكسية ، التي ترى في عقيدتها الدينية .. ان قتل السيد المسيح قد تم فعلا على يد اليهود في اورشليم القديمة .
هذه الحقائق التاريخية والرغبة غير المعلنة لدهاقنة اليهود في العالم .. ربما لا تجد لها اصداء سياسية سريعة وواضحة .. لكنها ستطفو على السطح الاعلامي قريبا .. عندما تسكت المدافع .. وتبدأ مفاوضات المنافع ..& انتهى .

د. كاظم المقدادي